الرضى في الجنة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه والتابعين :
استوقفني وأنا أعد إحدى الخطب عن الجنة والتي أسميتها دار النعيم المقيم استوقفني كثرة الحديث عن الرضى مما جعلني أقول لابد أن يفرد للرضى في الجنة حديث خاص .
ماذا أقول عن دار وعد بالرضى فيها قبل دخولها ؟ ومن استمع إلى تلك هاتين الآيتين أوضحتا له الكثير والكثير عن الرضى في الجنة ، ولكن لنستمع إلى تلك الآيتين ونحن مستحضرون أننا مازلنا في الدنيا أعوذ بالله من الشيطان الرجيم : " والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا ليرزقنهم الله رزقا حسنا ً وإن الله لهو خير الرازقين * ليدخلنهم مدخلا يرضونه وإن الله لعليم حليم " الحج 58 ، 59 .
فبالله عليك أخي أما تشعر بالرضى ؟
يا سبحان الكريم الوهاب رضى الجنة يصلك وأنت في الدنيا ! ، وما خفي كان أعظم .
أنه رضى الله الذي وعد أهل الإيمان بالرضى .
لكن يا تـُرى أين وعدهم ؟
وعدهم وهم في الدنيا فأخبر جل وعلا عن النار وأنها تلظى ولكن يا أهل الإيمان أبشروا إنكم بفضل الله سوف تجنبوا تلك النار ، وليس فقط بل ولسوف تحظون بالرضى .
قال تعالى " فأنذرتكم نارا ً تلظى * لا يصلاها إلا الأشقى * الذي كذب وتولى * وسيجنبها الأتقى * الذي يؤتي ماله يتزكى * وما لأحد عنده من نعمة تجزى * إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى * ولسوف يرضى " .
إنه الرضى وعدنا ربنا به ونحن في الدنيا ، فكيف إذا صرنا إليه ؟ ما ظنك به ؟
أرجوك لا تطلق لخيالك الانطلاقة في تلك الرضى فإنه أكبر بكثير مما يدور بالخيل ، وكيف لا وفي الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، فكل ما خطر على قلبك من الرضى فقل له بل أكبر من ذلك عند ربي .
حتى إذا حقت الحاقة ووقعت الواقعة وقام الناس حفاة عراة غرلا ً ووقفوا ما شاء الله أن يقفوا
وطارت الصحف في الأيدي منشرة .... فيها السرائر والأخبار تطلع
" فأما من أوتي كتابه بيمينه فيقول هاؤم اقرءوا كتابيه * إني ظننت أني ملاق حسابيه * فهو في عيشة راضية * في جنة عالية * قطوفها دانية " .
نعم والله يبشر بعيشة راضية وهو في أرض المحشر ، وما ذاك إلا لما قدم في الدنيا " وجوه يومئذ ناعمة لسعيها راضية " .
فيرضى عما قدم من عمل بعد أن أخذ كتابه باليمين وبشر بعيشة راضية .
حتى إذا تقدم إمام الأنبياء والمرسلين وخير ولد آدم أجمعين وأهل الجنة خلفه في موكب مهيب فإذ برسول الله صلى الله عليه وسلم يقرع باب الجنة فلا تعجب أخي إن علمت أن الذي يجيب قرع الباب هو خازن الجنة رضوان .
الله أكبر دار الرضى أشتق أسم خازنها من الرضى فأصبح اسمه رضوان .
إي وربي رضوان خازن الجنة من على باب الجنة تراه وتسمع صوته فلكأنها بشرى بما في الجنة من رضى .
حتى إذا تدفق الجموع إلى دار النعيم المقيم حتى يزدحم بهم باب عرضه مسيرة أربعين سنة وتلقتهم الملائكة بالتهنئة وبالتحية ونزلوا منازلهم وقصورهم كل منهم أعرف بمنزلة في الجنة أكثر من معرفته لمنزله في الدنيا تلقتهم الحور العين الخيرات الحسان يغنين بأحسن الأصوات نحن الراضيات فلا نسخط
ما ظن سامعه بصــوت أطيب .... الأصــوات من حــور الجنـان حسـان
نحن النواعم والخوالد خيــرا .... ت كاملات الحســــن والإحســــان
لسنا نمـوت ولا نخاف وما لنا .... سخط ولا ضغن مــن الأضغـــــان
طوبى لمن كن له وكذاك طـو .... بى للذي هــو حظــنا لفظــــــان
فبالله عليك يا أخي أي نعيم هذا الذي فيه الحورية راضية ؟ وما ظنك بسيدها ألا يكون راضيا ؟
، وبينا هم في هذا الرضى إذ أتاهم ما هو أكبر .
فإن سألت أكبر من أي شيء ؟ فالجواب أكبر من كل شيء " ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم " .
في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الله يقول لأهل الجنة : يا أهل الجنة ، فيقولون لبيك ربنا وسعديك والخير في يديك ، فيقول هل رضيتم ؟
يا لنعمة الله ! في كل هذا النعيم ورب الكون ومالك الملك يناديهم هل رضيتم ؟
فيقولون وما لنا لا نرضى يا رب وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا ً من خلقك ؟ ، فيقول ألا أعطيكم أفضل من ذلك ؟ فيقولون يا رب وأي شيء أفضل من ذلك ؟ ، فيقول أحل عليكم رضــــواني فلا أسخط عليكم أبدا ً .
فاللهم إنا نسألك أن ترضينا وأن ترضى عنا .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم