معني الطهارة وأهميتها
*** الطهارة لغة : النظافة والخلوص من الأوساخ أو الأدناس الحسية .
*** الطهارة شرعا : رفع حدث أو إزالة نجس ، أو ما في معناها . أي رفع ما يمنع الصلاة من حدث أو نجاسة بالماء ، أو رفع حكمه بالتراب ، فالطهارة تشمل الوضوء ، والغسل ، وإزالة النجاسة ، والتَّيممُّ .
*** وعناية الإسلام يجعل المسلم دائما طاهرا من الناحيتين المادية والمعنوية أكمل دليل علي الحرص الشديد علي النَّقاء والصفاء ، وعلي أن الإسلام مثل أعلي للزينة والنظافة ، والحفاظ علي الصحة الخاصة والعامة ، وعلي بناء البنية الجسدية في أصح قوام وأجمل مظهر ، ولصوْن البيئة والمجتمع من انتشار المرض والضعف ، يقول الله تعالي : ( إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ) ويقول النبي صلي الله عليه وسلم معلما أصحابه [ إنكم قادمون علي إخوانكم ، فأصلحوا رحالكم ، وأصلحوا لباسكم ، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس ، فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش . ] رواه أحمد ، وأبو داود ، والحاكم ، والبيهقي .
النجاسة :
*** النجاسة : ضد الطهارة ، ومعني النجاسة لغة : العيْن المستقذرة كالدم والبول والغائط ، ومعناها شرعا : هي مستقذرة يمنع من صحة الصلاة حيث لا مُرَخَّص ، والنجاسة الحكمية : هي أمر اعتباري يقوم بالأعضاء يمنع من صحة الصلاة ، ويشمل الحدث الأصغر الذي يزول بالوضوء ، والحدث الأكبر = الجنابة = الذي يزول بالغسل .
*** النجاسات المتفق عليها في المذاهب :
1 – لحم الخنزير ، فلحمه وجميع أجزائه من شعر وعظم وجلد نجس .
2 – الدم ، دم الآدمي ، ودم الحيوان غير المائي ، فيخرج دم السمك ودم الكبد لأنه مسفوح = جاريا = ، وما يبقي في عروق الحيوان بعد الذبح ما لم يخرج سائلا ، ودم البرغوث والقمل والبق ، كل ذلك غير نجس .
3 – بول الآدمي وقَيْئه وغائطه .
4 – الخمر : وهي تشمل كل مسكر مائع .
5 – القيْح : وهو دم فاسد لا يخالطه دم ، ومثله الصديد .
6 – المذى والوَدْي : والمَذْى : هو ماء أبيض رقيق يخرج عند ثوران الشهوة أو تذكرّ الجماع ، ويخرج بلا تدفق ، وهو نجس ، والوَدْيُ : ماء أبيض كدر ثخين يخرج عقب البول ، أو عند حمل شيء ثقيل ، وهو نجس .
7 – لحم ميتة الحيوان ، غير المائي الذي له دم سائل ، مأكول اللحم أو غير المأكول ، كالكلب والشاة والهرّة والعصفورة ونحوها ، ومثله جلد الميتة إن لم تدبغ .
8 – لحوم الحيوان غير المأكول وألبانه .
9 – الجزء المنفصل أو المقطوع من الحي في حال حياته .
*** النجاسات المختلف فيها :
1 – الكلب ، عند الحنفية ليس بنجس العين ، وفم الكلب وحده أو لعابه ورجيعه هو النجس ، وكذلك الحكم عند المالكية . وقال الشافعية والحنابلة : الكلب كالخنزير وما تولّد منهما وسؤرهما وعرقهما نجس ويغسل ما تنجس منه سبع مرات إحداهن بالتراب للحديث : [طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب .] رواه مسلم وأحمد .
2 – ميتة الحيوان المائي ، والحيوان الذي لا دم له سائل : اتفق أئمة المذاهب علي طهارة ميتة الحيوان المائي إذا كان سمكا ونحوه من حيوان البحر ، لقوله صلي الله عليه وسلم [ أُحلت لنا مَيْتتان ودمان : السمك والجراد ، والكبد ، والطحال ] رواه أحمد وابن ماجه والدراقطني . ولقوله صلي الله عليه وسلم : [هو الطهور ماؤه ، الحل ميْتته .] عندنا سئل عن البحر .
عند الحنفية ، وعند الشافعية نجسة كالذباب والبق والخنافس والصراصير ونحوها ، وكذلك ميتة الحيوان الذي يعيش في البحر والبر كالضفدع والتمساح والحية نجسة عند الشافعية والحنابلة .
3 – أجزاء الميتة الصلبة التي لا دم فيها : كالقرن ، والعظم ، والسنّ كعاج الفيل ، والحافر، والخف والظلف والشعر والصوف ، عند الحنفية طاهرة إذا قطعت هذه الأشياء في حال الحياة ، وقال الجمهور : أجزاء الميتة كلها نجسة .
4 – جلد الميتة : قال المالكية والحنابلة : جلد الميتة نجس دُبغ أو لم يدبغ ، وقال الحنفية والشافعية : تطهر الجلود النجسة بالدباغ لقول النبي صلي الله عليه وسلم : [ أيما إهاب دبغ فقد طهر .] رواه مسلم .
5 – بول الصبَّي الرضيع الذي لم يطعم غير اللبن : قال الشافعية والحنابلة أن تنجّس ببول أو قيئ صبي لم يطعم قبل مضي حوْلين غير لبن للتغذي يُنضْح = أي لا يغسل ويرش عليه ماء = أما الطفلة الصبية فلا غسل بولها للحديث : [ يغسل من بول الجارية ، ويرش من بول الغلام . ] رواه الترمذي وحسَّنه . والجارية هي الطفلة . أما الحنفية والمالكية فأخذوا بعموم الأحاديث الواردة في نجاسة البول فقرروا نجاسته بول الصبي والصبية .
6 – بول الحيوان المأكول اللحم وفضلاته : قال المالكية والحنابلة أن بولها طاهر ، كالإبل والبقر والغنم والدجاج والطيور ، وأن المحرم هو بول الحيوان المحرم أكله ، وقال الشافعية والحنفية : بنجاسة البول مطلقا من الحيوان أو الإنسان . وقال الشافعية : يعفي من ذرق الطير إذا كثر للمشقة في الاحتراز منه .
7 – المنّي : وهو ما يخرج عند اللذة الكبرى عند الجماع وغيره : قال الشافعية والحنابلة : المنيّ طاهر ويستحب غسله أو فرْكه إن كان من مني رجل . وقال الحنفية والمالكية : المني نجس يجب غسله .
8 – ما يسيل من فم النائم : الماء السائل من فم النائم وقت النوم طاهر ، إلا إن كان خرج من المعدة فنجس .
الاسْتنْجاء :
الاستنجاء لغة : إزالة النَّجْو أي الغائط . وشرعا : هو قلع النجاسة بالماء وغيره ، أو هو إزالة النجاسة من كل خارج ملوّث عند الحاجة إليه بالماء أو حجر ، أو هو إزالة نجس عن سبيل : قُبُل أوْ دُبُر . وليس علي مَن نام أو خرجت منه ريح استنجاء باتفاق العلماء . والاقتصار علي الماء أفضل لأنه يزيل عيْن النجاسة وأثرها ، بخلاف الحجر والورق ونحوه ، فإذا جَفّ النجس الخارج تعيّن الماء .
الوضوء :
الوضوء في اللغة : مأخوذ من الوضاءة والحسن والنظافة والوَضوء بفتح الواو فيطلق علي الماء الذي يتوضأ به . والوُضُوء شرعا : هو استعمال ماء طهور في الأعضاء الأربعة غسل الوجه واليدين والرجلين ، ومسح الرأس .
فرائض الوضوء :
اتفق الأئمة علي أربعة : وهي غسل الوجه ، واليدين ، والرجلين ، ومسح الرأس .
أ – عند الحنفية فروض الوضوء هذه الأربعة فقط .
ب- عند المالكية سبعة ، الأربعة ، والنيّة ، والدّلْك ، والموالاة .
ج – عند الحنابلة سبعة ، الأربعة ، والنية ، والترتيب ، والموالاة .
د – عند الشافعية ستة ، الأربعة ، والنية ، والترتيب .
غسل الوجه :
الغسل : هو إرسال الماء علي العضو بحيث يتقاطر الماء ، ولا تكفي الإسالة دون التقاطر ، وسواء أكان الغسل بفعل المتوضئ أم بغيره . الفرض هو الغسل مرّة ، أما تكرار الغسل ثلاث مرات فهو سنّة وليس بفرض .
الوجه : هو ما يواجه به الإنسان . وحَدُّه طولا : ما بين منابت الشعر للرأس إلي منتهي الذقن ، أو من مبدأ سطح الجبهة إلي أسفل الذقن . الذقن : منبت اللحية فوق الفك السفلي أو اللحيين : أي العظمين الوجه عرضا : اللذين تنبت عليها الأسنان السفلي . وحَدُّ الوجه عرضا : ما بين شحمتي الأذنين ، ولابد من إدخال جزء يسير من الرأس ، لأنه مما لا يتم الواجب إلا به ، ولا يغسل المنضم من باطن الشفتين ، ولا باطن العينين .
ويجب غسل الحاجب والهُدْب = الشعر النابت علي أجفان العين = والشارب ، والعَنْفَقة = الشعر النابت علي الشفة السفلي = واللحية الخفيفة ظاهرا وباطنا ، فإن كانت اللحية كثيفة لا تري بشرتها فيجب فقط غسل ظاهرها ، ولا يجب إيصال الماء إلي بشرة الجلد .
غسل اليدين إلي المرفقين :
يجب عند المذاهب الأربعة إدخال المرفقين في الغسل ، والمرفق : ملتقي عظم العضد والذراع . والأصل في اليد شمولها الكف إلي الذراع ، لكن التحديد بالمرافق أسقط ما وراءها ، وقد أوضحت السنة النبوية المطلوب ، روي مسلم عن أبي هريرة في صفة وضوء رسول الله صلي الله عليه وسلم : [ أنه توضأ فغسل وجهه ، فأسبغ الوضوء ، ثم غسل يده اليمني حتى أشرع في العضد ، ثم اليسرى حتى أشرع في العضد ..] ، ويجب غسل تكاميش الأنامل ، وغسل ما تحت الأظافر الطويلة التي تستر رؤوس الأنامل ، ويعفي عن قليل أوساخ الأظافر دفعا للحرج ، ولكن يجب إزالة ما يحجب الماء عن الأظافر كالطلاء . ويجب عند الجمهور تحريك الخاتم ولا يجب عند المالكية .
مسح الرأس :
المسح : هو إمرار اليد المبتلَّة علي العضو . والرأس : منبت الشعر المعتاد من المقدم فوق الجبهة إلي نقرة القفا ، ويدخل فيه الصُدْغان وهما فوق الأذنين . واختلف الفقهاء في القدر المجزئ منه :
1 – قال المالكية : يجب مسح جميع الرأس ، وليس علي الماسح نقض ضفائر شعره ولا مسح ما نزل عن الرأس من الشعر ، فإن فقد شعره مسح بشرته لأنها ظاهر رأسه .
2 – الحنابلة : الظاهر عندهم وجوب استيعاب الرأس بالمسح للرجل ، أما المرأة فيجزئها مسح مقدم رأسها . كما يجب عندهم مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما لأنهما عندهم من الرأس . وعند الحنابلة روايات أخري غير ذلك .
3 – الحنفية : الواجب مسح ربع الرأس ، لأن استيعاب اليد ملصقة بالرأس لا يستغرق غالبا سوي الربع .
4 – وقال الشافعية : الواجب مسح بعض الرأس لأن النبي صلي الله عليه وسلم مسح بناصيته ، وعلي العمامة ، فاكتفي بمسح البعض . والمستحب عند الجميع مسح جميع الرأس .
ولا يستحب تكرار مسح رأس وأذن ، والواجب مرّة واحدة .
غسل الرجلين إلي الكعبين :
الكعبان هما العظمان الناتئان من الجانبين عند مفصل القدم ، والواجب غسل الرجلين والكعبين كغسل المرفقين مع اليدين ، أما تحليل الأصابع في الرجلين واليدين محل خلاف كما يأتي .
فرائض الوضوء المختلف فيها :
اختلف الفقهاء في إيجاب النية ، والترتيب ، والموالاة ، والدًَّلْك .
أولا النيَّة : النية لغة : القصد بالقلب ، لا علاقة للسان بها ، وشرعا : هي أن ينوي المتطهر أداء الفرض ، أو رفع حكم الحدث ، أو استباحة ما تجب الطهارة له .
قال الحنفية : النية ليست فرض وهي سنة لتحصيل الثواب ، ووقتها قبل الاستنجاء ليكون جميع فعله قربة ، وإن نطق بها ليجمع بين فعل القلب واللسان فهو مستحب . ويترتب علي قولهم صحة وضوء المتبرَّد ، والمنغمس في الماء للسباحة أو للنظافة ونحو ذلك وإن لم الوضوء . اتفق الجمهور من العلماء علي وجوب النية للوضوء والتَّيمم .
ثانيا : الترتيب : وهو تطهير أعضاء الوضوء واحدا بعد الآخر كما ورد في النص القرآني : أي غسل الوجه أولا ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين . اختلف الفقهاء في وجوبه . قال الحنفية والمالكية : إنه سنة مؤكدة لا فرض ، فيبدأ بما بدأ الله بذكره وبالميامن . وقال الشافعية والحنابلة : الترتيب فرض في الوضوء لا في الغسل ، لفعل النبي صلي الله عليه وسلم ومواظبته عليه هو وأصحابه .
ثالثا : الموالاة : وهي متابعة أفعال الوضوء بحيث لا يقع بينها ما يعدّ فاصلا في العرف ، وهي متابعة غسل الأعضاء قبل جفاف السابق عند اعتدال المناخ . واختلف الفقهاء في وجوبها . قال الحنفية والشافعية : الموالاة سنة لا واجب ، فإن فرّق بين أعضائه تفريقا يسيرا لم يضر ، وإن فرّق تفريقا كثيرا ، وهو بقدر ما يجف الماء علي العضو في زمان معتدل أجزأه . وقال المالكية والحنابلة : الموالاة في الوضوء لا في الغسل فرض .
رابعا : الدلَّلْك : الخفيف باليد : وهو إمرار اليد علي العضو بعد صب الماء قبل جفافه ، والمراد باليد باطن الكف . واختلف الفقهاء في وجوبه . قال الجمهور غير المالكية : الدلك سنة لا واجب ، ولأن السنة لم تثبته . وقال المالكية : الدلك واجب ، ويكون في الوضوء بباطن الكف ، لا بظاهر اليد ، ويكفي الدلك بالرَّجل في الغسل ، ويكون الدلك مرّة إمرارا متوسطا ، ويكره التشديد والتكرار .
شروط الوضوء :
1 – قدرة المكلف بالطهارة علي الماء ، فلا يجب علي عاجز عن استعماله الماء المطهر ، ولا علي فاقد الماء .
2 – أن يعم جميع أجزاء العضو المغسول بالماء بحيث لا يبقي منه شيء .
3 – إزالة ما يمنع وصول الماء إلي العضو ، كطلاء الأظافر للنساء ، أما الزيت أو نحوه فلا يمنع نفوذ الماء إلي البشرة .
4 – عدم المنافي للوضوء لغير المعذور ، كدم الحيض ونفاس وبول ونحوهما .
سُنَن الوضوء :
1 – النيّة عند الحنفية ، وهي فرض عند الجمهور غير الحنفية .
2 – غسل اليدين إلي الرسغين ثلاثا قبل إدخالها الإناء .
3 – التسمية في بدء الوضوء .
4 – المضمضة والاستنشاق ، والمضمضة : هي إدخال الماء في الفم وخَضْخَضته وطرحه . والاستنشاق : إدخال الماء في الأنف وجذبه بنفسه إلي داخل أنفه . ويلحق بهما الاستنثار : وهو دفع الماء بنَفَسه مع وضع أصبعيه السبابة والإبهام من يده اليسرى علي أنفه ، كما يفعل في امتخاضه . وكلها سنة مؤكدة عند الجمهور غير الحنابلة حيث أوْجبوهما .
5 – السَّوَاك سنة باتفاق الفقهاء ماعدا المالكية فقد عدُّوه من الآداب .
6 – تخليل اللحية الكثَّة والأصابع : وتخليل اللحية الكثيفة بكف ماء من أسفلها .
7 – تثليث الغسل : اتفق الفقهاء علي أنه يُسَنّ تثليث الغسل ، أي غسل العضو ثلاثا ، ماعدا مسح الرأس فلا يسن تكراره .
8 – استيعاب كل الرأس بالمسح عند الحنفية والشافعية ، خلافا للمالكية والحنابلة لأن مسح الرأس كله واجب عندهما .
وأجاز الشافعية والحنابلة مسح بعض الرأس والإكمال علي العمامة إن عسر رفعها ، ومثله للمرأة مع غطاء الرأس .
9 – مسح الأذنين ظاهرا وباطنا بماء جديد عند الجمهور ، وعند الحنابلة يجب مسح الأذنين . ومسح الأذنين مرة عند الجمهور .
10 – البداءة بالميامن من غسل اليدين والرجلين .
11 – الترتيب والموالاة والدلك عند من لا يري فرضيتها .
نواقض الوضوء :
النقض : إذا أضيف إلي الأجسام كنقض الحائط : يُراد به إبطال تأليفها ، وإذا أضيف إلي المعاني كالوضوء : يراد به إخراجها عن إقامة المطلوب بها . فمعني ناقض الوضوء : إخراجه عن إفادة المقصود منه ، كاستباحة الصلاة . ونواقض الوضوء منها ما اتفق عليه الفقهاء ، ومنها اختلف فيه :
1 – كل خارج من أحد السبيلين : معتاد كبول أو غائط أو ريح أو مَذْى أو وَدْيٌ أو مَنِيُّ ، أو غير معتاد : كدودة وحصاة ودم . والسلس : وهو ما يسيل بنفسه لانحراف الطبيعة بولا أو ريحا أو غائطا أو مَذْيا . والاستحاضة من السلس ، وهو ناقض فإذا لم ينضبط بوقت علي التداوى فلا يكون ناقضا للعذر ، وبشروط خاصة كالوضوء لدخول الوقت في الصلاة .
2 – الدَّمُ والقيحْ والصديد : عند الحنفية والحنابلة ناقض ، إلا أن الحنابلة يشترطون أن يكون فاحشا أي كثيرا ، كما يشترط الحنفية أن يكون الدم في موضع من الجسد ظاهر ، أما غير الظاهر كالثدي والسُّرة أو في الأذن فليس بناقض .
أما عند المالكية والشافعية : عدم نقض الوضوء بالدم ونحوه .
3 – القيء : الخلاف فيه كالخلاف في الدم . عند الحنفية والحنابلة القيء ناقض للوضوء بقيود ثلاثة : كونه من المعدة ، وكونه ملء الفم أو كثيرا ، وكونه دفعة واحدة ، فلا ينقض البلغم والبصاق والنخامة .
أما عند المالكية والشافعية : لا ينتقض الوضوء بالقيء .
4 – غيبة العقل أو زواله بالمخدرات أو المسكرات ، أو بالإغماء ، أو الجنون ، أو الصرع ، أو بالنوم . وكل ذلك مظنة للنقض لأنه بنفسه ليس بناقض .
وقد اختلف الفقهاء علي آراء في كون النوم ناقضا للوضوء :
أ – الحنفية والشافعية : أن النوم الناقض للوضوء هو الذي لم تتمكن فيه المقْعَدة من الأرض لعدم الأمن حينئذ من خروج شيء ، كالنوم مضطجعا أو متكئا لاسترخاء المفاصل . فإن قاعدا ممكنا مقعدته من الأرض أو كرسي ونحوه ، لم ينتقض الوضوء . ولا ينتقض الوضوء عند الحنفية أيضا بالنوم حال الصلاة ، سواء حال القيام أو الركوع أو السجود وغيره ، لأن بعض الاستمساك باق .
ب – المالكية والحنابلة : أن النوم اليسير أو الخفيف لا ينقض ، والنوم الثقيل ينقض . والنوم الثقيل : ما لا يشعر صاحبه بالأصوات ، أو بسقوط شيء بيده ، أو يسيل ريقه ، أو يري رؤيا في نومه .
5 – لَمْسُ المرأة : مختلف فيه :
أ – الحنفية : ينتقض الوضوء بالمباشرة الفاحشة : وهي التقاء الفرجين مع انتشار العضو بلا حائل يمنع حرارة الجسد ، أو هي أن يباشر الرجل المرأة بشهوة وينتشر لها ، وليس بينهما ثوب ، ولم يَرَ بلَلاً .
ب – المالكية : ينتقض الوضوء بلمس المتوضئ البالغ لشخص يلتذ به عادة من ذكر أو أنثي ، سواء كان اللمس لزوجته أو أجنبية أو محرما ، أو كان اللمس لظفر أو شعر ، أو من فوق حائل كثوب ، وسواء كان اللمس بين الرجال أو بين النساء . فاللمس بلذة ناقض ، وكذا القبلة بالفم تنقض الوضوء مطلقا ، ولو بدون لذة لأنها مظنة اللذة ، ولا ينتقض الوضوء بلذة من نظر أو فكر ولو حدث انتصاب ما لم يلتذ بالفعل .
ج – الحنابلة : ينقض الوضوء بلمس بشرة النساء بشهوة من غير حائل ، وكان الملموس مشتهي عادة غير طفل وطفلة ، ولو كان الملموس ميتا ، أو عجوزا ، أو محرما ، أو صغيرة تشتهي وهي بنت سبع سنين فأكثر . ولا ينتقض مس الرجل الرجل ولا المرأة المرأة ولو بشهوة .
د – قال الشافعية : ينقض الوضوء بلمس الرجل المرأة الأجنبية غير المحرم ، ولو ميتة من غير حائل بينهما ، ينقض اللامس والملموس ، ولو بغير قصد ، ولا ينقض شعر وسن وظفر ، أو لمس مع حائل . وسبب النقض : أنه مظنة التلذذ المثير للشهوة التي لا تليق بحال المتطهر .
6 – مسُّ الفرج ، القُبُل أو الدُّبر : مختلف فيه :
أ – مذهب الحنفية : لا ينتقض الوضوء بمس الفرج ، ذكرا أو أنثي ، ووافقهم المالكية في المرأة لا ينتقض وضوؤها بمسّ الفرج .
ب – مذهب المالكية : ينقض الوضوء بمس الذكر ، لا بمس الدبر ، وينقض مس حلقة الدبر أو الخصيتين ، ولا مس امرأة فرجها ولو أدخلت أصابعها في فرجها ، كما لا ينقض مس ذكر صبي .
ج – مذهب الشافعية والحنابلة : ينتقض الوضوء بمس فرج الآدمي ، الذكر ، والدبر ، وقبل المرأة ، من نفسه أو غيره ، صغيرا أو كبيرا ، حيًا أو ميتًا .
ويشترط الشافعية كوْن المس بباطن الكف – أي راحة اليد مع بطون الأصابع – ولا فرق عند الحنابلة بين باطن اليد وظهر الكف .
7 – القَهْقَهة في الصلاة :
القهقهة : ما يكون مسموعا لجيرانه . أما الضحك : فهو ما يسمعه هو دون جيرانه . والأول يبطل الصلاة والوضوء عند الحنفية ، والثاني يبطل الصلاة فقط ، أما التَّبسم : وهو ما لا صوت فيه ، فلا يبطل شيئا .
ولا ينتقض الوضوء عند الجمهور – غير الحنفية – بالقهقهة ، لأنها لا توجب الوضوء خارج الصلاة ، فلا توجبه داخلها كالعطاس والسُّعال . وقال الحنفية : ينتقض الوضوء وتبطل الصلاة للمصلي البالغ ، عمدا أو سهوا ، زجرا وعقوبة لمنافاتها مناجاة الله تعالي ، فلا تبطل صلاة الصبي . كما اعتمدوا بعض الآثار الضعيفة لا يستند إليها حكم .
9 – أكل لحوم الإبل :
أ – ينتقض الوضوء عند الحنابلة دون غيرهم بأكل لحم الإبل ، علي كل حال ، نيْئًا ومطبوخا ، عالما كان أو جاهلا .
ب – وقال الجمهور – غير الحنابلة – لا ينقض الوضوء بأكل لحم الجزور لحديث جابر رضي الله عنه [ كان آخر الأمرين من رسول الله صلي الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار .] رواه أبو داود ، والترمذي ، وابن ماجة .
10 – غسل الميّت :
أ – ينتقض الوضوء عند أكثر فقهاء الحنابلة فقط بغسل الميت ، أو بعضه ، سواء كان المغسول صغيرا أم كبيرا ، ذكرا أم أنثي ، مسلما أم كافرا .
ب – وقال الجمهور وبعض الحنابلة : لا وضوء من غسل الميت .
قال ابن رشد : النواقض الثلاثة الأخيرة فيها شذوذ وإن استندت إلي أحاديث ضعيفة .
وضوء المعذور :
المعذور : من به سلس بول لا يمكنه إمساكه ، أو استطلاق بطن ، أو انفلات ريح أو رعاف دائم أو نزف دم جرح ، أو استحاضة ، كذا كل ما يخرج بوجع ولو من أذن وثدي وسرّة من دم أو قيح أو صديد . وضابط المعذور : هو من يستوْعب عذره تمام وقت صلاة مفروضة ، بأن لا يجد في جميع وقتها زمنا يتوضأ ويصلي فيه حاليا عن الحدث .
ويبقي وضوءه مادام باقيا بشرطين : أن يتوضأ لعذره ، ولم يطرأ عليه حدث آخر غير حدث عذره .
ويبطل وضوء المعذور بخروج وقت الصلاة المفروضة التي توضأ لها ، وله أن يصلي بهذا الوضوء الفرض وسائر النوافل ، ويمارس كل ما يمارسه الطاهر . ولو زال العذر كأن انقطع دم الاستحاضة وقتا يسع الوضوء والصلاة ، بطلت الطهارة ويلزم استئنافها .
وكيفية إعداد المعذور للوضوء : هي أن تغسل المستحاضة المحل ثم تحشوه بقطن أو نحوه ليردّ الدم ، ومن به سلس البول يعصب رأس ذكره بخرقة ويحترس حسبما أمكنه ، فإن كان مما لا يمكن عصبه مثل من به جرح لا يمكن شدّه ، أو باسور لا يتمكن من العصب صلي علي حسب حاله . يفعل كل ذلك بعد دخول الوقت ، فلا تصح قبل دخول وقت الصلاة .
وتجب الطهارة وتجديد العصابة كلما أمكن ، والوضوء لكل فرض ، ولو استمسك الحدث بالجلوس في الصلاة فيصلي جالسا بلا إعادة