شامة بين الأمم
منقول للفائدة
الإسلام دين النظافة بأوسع معانيها،نظافة العقائد من الشرك والخرافات ، ونظافة الأخلاق من الرذائل والمنكرات ، ونظافة اللسان من الكفر والفحش ، ونظافة القلم من الكذب والفجور ، ونظافة الأجساد والثياب من الأوساخ والقاذورات ، ونظافة المسجد ، ونظافة الطريق والبيوت وسائر جوانب الحياة حتى يكون المجتمع المسلم شامة بين الأمم .
عن خريم فاتك الأسْدي قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( إنكم قادمون على إخوانكم ، فأصلحوا رحالكم ، وأصلحوا لباسكم ، حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس ؛ فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش ) وفي رواية: ( حتى تكونوا كالشامة في الناس ) رواه الإمام أحمد في المسند ، وهو في سنن أبي داود قال الشيخ الألباني عنه :ضعيف ،ورواه الحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي.
عن أبي هريرة أن رجلا أسود - أو امرأة سوداء - كان يقم المسجد فمات ، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه ، فقالوا : مات ، قال : أفلا كنتم آذنتموني به ! دلوني على قبره - أو قال قبرها -فأتى قبرها فصلى عليها " صححه البخاري .
لماذا هذه العناية والتكريم من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ اليس لأن هذا الرجل أو هذه المرأة يحرصان على نظافة بيت الله ، وأن يكون المجتمع المسلم شامة بين الأمم.
ولا عجب - أيها الأخوة - ما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : ( لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذى الناس) .
وأنت أيها المسلم مطالب بالنظافة في :
الثياب
ولا عيب - أيها الاخوة الكرام - أن لا يجد المسلم ثوباً جديداً يلبسه ، ولكن يعيب المسلم أن يكون وسخ الثياب ، عن جابر بن عبد الله قال : أتانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرأي رجلا شعثا قد تفرق شعره ، فقال : ( أما كان يجد هذا ما يسكن به شعره ) ، ورأي رجلا آخر وعليه ثياب وسخة ، فقال : ( أما كان هذا يجد ماء يغسل به ثوبه ) سنن أبي داود،قال الشيخ الألباني : صحيح .
وعن أبي الأحوص عن أبيه قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في ثوب دون ، فقال : ألك مال ؟ فقلت :نعم ، قال : من أي المال ؟ قلت : قد آتاني الله من الإبل والغنم والخيل والرقيق ، قال : ( فإذا أتاك الله مالا فلير أثرَ نعمة الله عليك وكرامتَه) سنن أبي داود قال الشيخ الألباني :صحيح .
ولعلنا ندرك بعضاً من الحكمة في قول النبي صلى الله عليه وسلم: (البسوا البياض ؛فإنها أطهر وأطيب،وكفنوا فيها موتاكم )رواه النسائي والحاكم ، وهو صحيح الإسناد.صححه الألباني وغيره.
وذلك أنها ايسر في التنظيف ولا تحمل القذر ؛ لأنه يظهر فيها سريعاً .
وقد قالت الحكماء:من نظف ثوبه قلّ همه ، ومن طاب ريحه زاد عقله.
نظافة البدن
ففي صحيح الجامع الصغير أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( طهروا هذه الأجساد طهركم الله ) .
قال الإمام ابن الجوزي : " أما البدن فليست الصورة داخلة تحت كسب الآدمي، بل يدخل تحت كسبه تحسينها وتزينها ، فقبيح بالعاقل إهمال نفسه،وقد نبه الشرع على الكل بالبعض،فأمر بقص الأظافر،ونتف الإبط،وحلق العانة،ونهى عن أكل الثوم والبصل النيئ لأجل الرائحة، وينبغي أن يقيس على ذلك،ويطلب غاية النظافة والنزاهة ". انتهى
ومن لطائف وعجائب ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الباب ، عن عائشة قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدني إلي رأسه ، وهو مجاور فأغسّله وأرجّله ، وأنا في حجرتي ، وأنا حائض وهو في المسجد " سنن ابن ماجة قال الشيخ الألباني :صحيح . وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله: " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طاف على نسائه في يوم فجعل يغتسل عند هذه وعند هذه فقيل : يا رسول الله لو جعلته غسلاً واحداً ، قال : هذا أزكى وأطيب وأطهر .
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (حق لله على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام يغسل رأسه وجسده)صحيح مسلم وفي صحيح ابن حبان بسند صحيح( فإن كان له طيب مسه ) .
وتتأكد النظافة في أماكن تجمع المسلمين وعبادتهم كالمساجد ، حيث أمر الله بذلك فقال سبحانه: {خذوا زينتكم عند كل مسجد}.
عن ابن عباس قال : كانوا يطوفون بالبيت عراة ، الرجال والنساء ، الرجال بالنهار ، والنساء بالليل ، وكانت المرأة تقول :
اليوم يبدو بعضه أو كله **** وما بدا منه فلا أحله
فقال الله تعالى : {خذوا زينتكم عند كل مسجد } فأمرهم الله بالزينة ، والزينة اللباس وهو ما يواري السوأة وما سوى ذلك من جيد البز والمتاع ، فأمروا أن يأخذوا زينتهم عند كل مسجد .
عن محمد بن سيرين أن تميماً الداري اشترى رداء بألف ، وكان يصلي فيه.
ابن كثير أخبر عن الرسول المصطفى قال: ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ) ، قال رجل : إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسناً ونعله حسنة ! قال: ( إن الله جميل يحب الجمال الكبر بطر الحق وغمط الناس ) صححه مسلم .
وينبغي أن تفهم - يا أخي المسلم - كملك الله بالإيمان الكامل أن من معاني قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الطهور شطر الإيمان ) أن يجمع المسلم بين طهارة الظاهر - الوضوء والاغتسال - وطهارة الباطن بالإيمان ، وأن أبواب الجنة الثمانية تفتح لك حينما تقول بعد الوضوء: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبد الله ورسوله ؛ لأنك جمعت بين طهارة الظاهر بالوضوء وطهارة الباطن من الشرك بكلمة التوحيد.