ب-التناسق و التنظيم: و هو سمة أخرى للجمال تقوم أساسا على التقدير و الضبط و الإحكام و تحديد نسب الأشياء بعضها إلى بعض ، في الحجم والشكل واللون والحركة والصوت ،
قال تعالى: ((و خلق كل شيء فقدره تقديرا )).
إننا لو ألقينا نظرة فاحصة على الإنسان ، لأدركنا التناسق الذي يتجمل به هذا المخلوق الصغير ،
و لعل قوله تعالى : ((يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم ، الذي خلقك فسواك فعدلك في أي صورة ما شاء ركبك ))
إضافة إلى دلالته على الإحكام و التقدير و التسوية و التعديل، فانه يشير إلى دقة التناسق بين عقل الإنسان و روحه وجسده ،و التناسق بين أعضاء جسمه وبين الأعضاء الأخرى، و التناسق بين أجهزة عضو من أعضائه ،و بين سائر الأجهزة
أنواع الجمال :
الأشياء التي تنتظم هذا الكون الفسيح ، إما أن تكون أجساما ، لها طول و عرض و عمق كالإنسان و الحيوان ، و السماء و الأرض ، و الشمس و القمر ، و نحوها ، و إما أن تكون معان ، كالأقوال و الأفعال و الأسماء و الصفات و نحوها و على هذا ، يمكن تقسيم الجمال إلى قسمين:-
أ- جمال حسي: و هو الذي يدرك بالحس، كجمال الطبيعة في سمائها وأرضها و شمسها وقمرها و ليلها ونهارها وبرها وبحرها ، وكجمال الإنسان من حيث تكوينه.
ب – جمال معنوي : و يتمثل في أمور كثيرة ، لا تدرك بالحس و الرؤية ، و لكنها تدرك بالعقل الواعي ، و البصيرة المفتوحة . و يمكن تصنيفها كالأتي:-
- الأقوال : فالجمال المعنوي موجود في الأقوال الحسنة ، و الألفاظ الطيبة،
قال تعالى : (( و من أحسن قولا ممن دعا الى الله و عمل صالحا و قال إنني من المسلمين ))
فقد جعل الله الدعوة إلى الإسلام ، و النطق بكلمة الشهادة من أحسن الأقوال و أجملها ، فدل ذلك على أن الجمال موجود في الأقوال التي يقولها الناس بالنظر إلى ما تحمله من المعاني و المدلولات.
- الأفعال : و الفعل قرين القول ، بل إن القول إذا لم يقترن بالفعل ، لا يبلغ الكمال في الحسن ،
و لهذا ذكر الله تعالى في الآية السابقة قوله : (( و عمل صالحا )) ،
إذ القول وحده – مهما كان جميلا – لا يكفي صاحبه ، ما لم ينضم إليه فعل ، فان الجمال يوجد في الفعل كما يوجد في القول.
ميادين الجمال ومجالاته وهي:-
أ-الطبيعة : فالطبيعة بكل ما تحتويه من أرض وسماء ، وإنسان وحيوان ، ونبات وجماد ، تصلح ميدانا" رحبا" ، ومجالا" فسيحا" للجمال .
ب-الإنسان : الإنسان ميدان آخر للجمال، يتخلله الجمال منذ مرحلة تكوينه ونشأته، إلى مرحلة نضجه وتكامله، بل إن الجمال من أبرز سمات الإنسان التي نوه بها القرآن الكريم، للدلالة على قدرة الله تعالى و إبداعه، يمتن الله به على عباده، فيقول تعالى : (( لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم )) فالتسوية التامة للإنسان، هي النقطة الأساسية، التي ينطلق منها جمال الإنسان، لأن عدم الخلل و النقص في بنيته، دليل على جماله و قد خلق الله الإنسان فبلغ به من الإحسان و الإتقان ما بلغه .
ج-الفن : و الفن نتاج إنساني، استفاده من الطبيعة التي سخرها الله له، و من عقله الذي و هبه إياه،و قد تمثل الجمال الفني في الإسلام في أمور كثيرة، أهمها ما يلي:
النقش و الزخرفة - الكتابة و الخط - العمارة و التخطيط
و ما حققه الإسلام من الجمال المعنوي، الذي يجعل كل إنسان ، يهتم بالأمور الضرورية التي هي أكثر أهمية من غيرها ، فجمال القاضي بعدله و إنصافه ، وجمال الحاكم باهتمامه بشئون رعيته ، و سهره لأمنهم و راحتهم ، و جمال الغني بصدقته و إنفاقه ، و جمال الفقير بكده و عمله لذا قال الله تعالى: ((يابني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوءاتكم و ريشا و لباس التقوى ذلك خير)) و قال تعالى: ((يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد)